عن الرواية:
"الجدة هانم ما زالت تمشي، تبحث عن بيت ابنتها نرجس ناحية يدها الشمال، وشباكها الأخضر المفتوح. تدور مع الأزقة، وتغيب في الحارات، تفتش في وجوه الناس، تلج البيوت المفتوحة وتغادرها. وتدخل الدكاكين على أصحابها، تتفرج، وتلمس فترينات العرض الزجاجية بأصابعها الدقيقة الجافة، وتضحك في عبها.
وتدارى اخضرار وجهها الغريب في طرحتها الحريرية السوداء.
إذا داهمها الليل تحتمي بالماء. تنام جالسة بجرمها الصغير تحت شجيرات الخروع بأوراقها العريضة المائلة على حافلة النهر الساكن، تغفو، وتقوم على ارتجافه الفجر الفضي عبر الكوبري الحديدي القاتم. تبلل وجهها وتمضغ قبضة من الأعشاب الرطبة وتحبو. تطلع أعلى الشاطئ المنحدر، وتقف هناك تحت الكافورة الكبيرة العالية.
الجدة هانم تنظف ثوبها من قش المكان.
وترهف أذنيها صوب موكب عربات الكارو القادمة من سكة القناطر وهي تقترب، محملة بالخضر الطازجة. تتابع خبب الخيل التي يقودها الرجال النائمون في ضباب الصباح. تسمع رنين الأجراس النحيلة وعي تتأرجح, تشيعها وهي تخبو وتغيب، واحدة تلو الأخرى عند انحناءة النهر. وتنادى، على أحداً يسمها: "مش رايح البلد يا بني؟"
"إبراهيم أصلان" تركها عصافير النيل ترفرف في ثنايا روايته كأنها الأحلام في ليالي الطفولة... تنساب الأحداث فيها كانسياب ماء نهر غزير، متعاقبة تسلسلها العبارات التي تحمل سمة العفوية فلا يغدو بين القارئ والراوي حواجز... يتداخل فيها... يتفاعل مع أشخاصها وكأنه واحد منهم يتحدثون ملياً في قصص الحياة